تكلمنا في المقالة السابقة عن ثلاث صفات ينبغي أن يتحلى بها الفرسان النبلاء، وفي هذه المرة نكمل تلك الصفات، فمع الصفة الرابعة.
4- إحسان الظن بالله :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة : «أنا عن عند ظن عبدي بي» [رواه البخاري ومسلم]، وإن كان ينبغي لكل مسلم أن يحسن الظن بربه، فالفارس القائم بحماية أمن أوطان المسلمين واستقرارها أولى الناس بذلك؛ حيث إنه كما يقولون «يحمل روحه على كفه» أي أنه متوقع الاستشهاد في سبيل الله في أي وقت، ومن في هذه الحالة في حاجة دائمة لإحسان الظن بالله سبحانه وتعالى، فينبغي عليه أن يحسن الظن بالله إن قتل فسيكون شهيدا في سبيل الله مثواه الجنة، ويحسن الظن بالله في أنه سيحقق له هدفه النبيل المشروع في تحقيق النصر والأمن والاستقرار.
وضد إحسان الظن بالله القنوط من ثواب الله وموعوده، وقد قيل : قتل القنوط صاحبه, ففي حسن الظن بالله راحة القلوب. قال ابن حجر : «وإنما كان اليأس من رحمة الله من الكبائر لأنه يستلزم تكذيب النصوص القطعية . ثم هذا اليأس قد ينضم إليه حالة هي أشد منه , وهي التصميم على عدم وقوع الرحمة له , وهذا هو القنوط, بحسب ما دل عليه سياق الآية : {وإن مسه الشر فيئوس قنوط} وتارة ينضم إليه أنه مع اعتقاده عدم وقوع الرحمة له يرى أنه سيشدد عذابه كالكفار. وهذا هو المراد بسوء الظن بالله تعالى» [فتح الباري2/326].
فيجب على المؤمن أن يحسن الظن بالله تعالى, وأكثر ما يجب أن يكون إحسانا للظن بالله عند نزول المصائب وعند الموت, قال الحطاب : ندب للمحتضر تحسين الظن بالله تعالى, وتحسين الظن بالله وإن كان يتأكد عند الموت وفي المرض , إلا أنه ينبغي للمكلف أن يكون دائما حسن الظن بالله , ففي صحيح مسلم : «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله».
5- الصدق :
والصدق هو مطابقة الكلام للواقع، وهو لا يكون إلا في الإخبار، أما الإنشاء فلا يحكم عليه بصدق ولا بكذب، قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة :119] وقال تعالى : ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾ [محمد :21] والمؤمن لا يكون كذابًا أبدا، فالصدق أساس كل فضيلة.
والصدق فضيلة عظيمة، وضده الكذب وهو قبيح والمؤمن لا يتصف به أبدًا، فلا ينبغي للمسلم أن يتعمد أن يحكي كلامًا مخالفًا للواقع حتى وإن كان مازحًا.
ولقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الكذب في كتابه المجيد، فقال تعالى : ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة :10].
وحذرنا منه كذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقال : «إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا, وعليكم بالصدق فإن الصدق بر, والبر يهدي إلى الجنة, وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا» [أخرجه البخاري في صحيحه].
وحتى يبتعد المسلم عن هذا الخُلق القبيح عليه أن يستحضر دائما، مراقبة الله سبحانه وتعالى، ويعلم أن غضب الله أعظم من غضب الإنسان، فإن الإنسان قد يكذب خوفا من غضب الإنسان أو عقابه، فإذا استحضر عقاب الله وغضبه ويعلم أن الصواب أن يخشى الله أكثر من أي أحد، فلن يكذب أبدًا إن شاء الله.
فالفارس النبيل صادق مع ربه في الوفاء بعهوده، وفي الالتزام بشرعه، وصادق مع نفسه في مصارحتها ومراقبتها وعلاجها، وصادق مع إخوانه في النصح لهم وصادق مع الكون في التعامل معه، فالصدق خير، والكذب شر لا ينبغي للمؤمن فضلا عن الفارس النبيل.
6- العدل :
وهو في اللغة : القصد في الأمور, وهو عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط, والعدل من الناس : هو المرضي قوله وحكمه, ورجل عدل : بين العدل, والعدالة وصف بالمصدر معناه : ذو عدل.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل : 90]. وفي قوله : ﴿فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات : 9].
وقد أمر سبحانه بالعدل لا سيما في القول والشهادة فقال تعالى : ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام : 152].
وأمر ربنا بالعدل في الحكم بين الناس، فقال تعالى : ﴿ِ إ نَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ [النساء : 58].
وحذر ربنا من غياب العدل خاصة في حالة العداء، فقال سبحانه :﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة : 8].
وحث على العدل في إبرام الاتفاقات وتوثيق العقود، فقال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ [البقرة : 282].
وضرب ربنا مثلاً في القرآن لإبراز قيمة من يأمر بالعدل، فقال سبحانه : ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [النحل : 76].
وأمرنا ربنا بالتوازن، والوفاء بالكيل، ليس فقط في المحسوسات، وإنما في كل أمورنا : ﴿وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [الإسراء : 35].
ونهى تعالى عن الميل في الميزان، وتوعد لمن يطفف الكيل فقال سبحانه وتعالى : ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوَهُمْ أَو وَزَنُوَهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ﴾ [المطففين 1 : 6].
ونهانا ربنا عن الظلم، والظلم : هو وضع الشيء في غير موضعه، ومجاوزة الحد والميل عن العدل، والظلم في الشرع : عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل، فالتصرف في ملك الغير ظلم، ومطالبة الإنسان بأكثر مما عليه من واجبات ظلم، وإنقاص حق الإنسان ظلم، والاعتداء على أمن الناس بالضرب أو التخويف أو اللعن ظلم، والاعتداء على أموال الناس بالسرقة والغصب ظلم.
وأعظم ظلم في حق الإنسان هو القتل، قال تعالى : ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّى القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا﴾ [الإسراء :33]، وأعظم ظلم على الإطلاق الشرك بالله، لأنه أكبر مغالطة في وضع الشيء في غير موضعه، قال تعالى : ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان :13]، ومن الظلم منع المؤمنين من عبادة الله في المساجد وتخريبها، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِى خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة :114].
ويحذرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الظلم فيقول : «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» [رواه البخاري ومسلم].
والمسلم قد يقع في الظلم في حقه نفسه، وذلك إذا فعل المعاصي والذنوب فيعرضها لعذاب الله، وقد يقع في الظلم في حق والديه، أو أقاربه، أو أصدقائه، أو جيرانه، أو حتى أعدائه وذلك بأن يمنع أحدهم حقًا من حقوقه، أو يحمله فوق طاقته.
فالعدل قيمة عظيمة، وخلق يأمر به المسلم على كل حال، والظلم صفة خبيثة تؤدي بصاحبها إلى العذاب، والفارس النبيل ينبغي أن يتحلى بالعدل دائما، وخاصة في الغضب، رزقنا الله العدل في كل حال.
7- الأمانة وعدم الخيانة :
الأمانة : ضد الخيانة, والأمانة تطلق على : كل ما عهد به إلى الإنسان من التكاليف الشرعية وغيرها كالعبادة الوديعة، وهذه الصفة هي صفة لازمة في أنبياء الله، وقد أخبرتنا السيرة العطرة للنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم أن أعدائه قبل أصحابه كانوا يسمونه الصادق الأمين، وقال تعالى : ﴿مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير :21]، وقد قال كل من سيدنا نوح، وصالح، ولوط، وشعيب عليهم السلام لقومهم : ﴿إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ [الشعراء :107] [الشعراء :143] [الشعراء :162] [الشعراء :178].
وقد قال هود عليه السلام لقومه : ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّى وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ [الأعراف :68]. وقد وصفت بنت نبي الله شعيب موسى عليه السلام بالأمانة فقالت : ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [القصص :26]، وقال كذلك موسى عليه السلام لقومه : ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ [الدخان :18]، وشهد الملك ليوسف عليه السلام السلام بتلك الصفة كذلك، قال تعالى حكاية عنه : ﴿وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِى بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِى فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ﴾ [يوسف :54]، بل كان ملك الوحي جبريل عليه السلام اسمه الأمين، قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ﴾ [الشعراء :193].
والفارس النبي يجب عليه أن يكون أمينًا، متخليا عن الخيانة بكل أشكالها، ومن الخيانة أن لا يفي الإنسان بما عهد إليه من أشياء، ومن الخيانة ألا يحافظ على الودائع ويهملها أو يسرقها، ومن الخيانة ألا يلتزم بما اتفق عليه من العقود.
فالخيانة تتعدد بتعدد الحالات، قد يخون العامل صاحب العمل، وقد يخون الشريك شريكه، ويخون الإنسان جاره، وأعظم الخيانة أن يخون الإنسان وطنه، وسبب عظم خيانة الأوطان أن مفاسده تتعدى إلى كثير من الناس.
والغدر خيانة، والغدر هو نقض العهد، وترك الوفاء به، وهو من صفات المنافقين الكذابين، الذين يبدون ما لا يخفون، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا, ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان, وإذا حدث كذب, وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر» [رواه البخاري ومسلم]
والله سبحانه وتعالى لا يحب الخيانة ولا الخائن، قال تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ﴾ [الأنفال :58]. وقال سبحانه : ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء :107]. وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم واعتبر خداع الإنسان بالكلام من أشنع أشكال الخيانة، حيث قال صلى الله عليه وسلم : «كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب» [رواه أحمد وأبو داود].
وعليه فإن الفارس النبيل ينبغي عليه أن يتحلى بالأمانة، ويتخلى عن الخيانة، ليتأهل لحمل أعباء الأمة في أمنها واستقرارها وشتى مجالات الحياة.
هذه جملة أساسية من الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها جند الله (الفرسان النبلاء) وإن لم تكن هذه كل الصفات فإن شعب الإيمان كثيرة، ولكننا ذكرنا أهمها.
فجند الله (الفرسان النبلاء) يؤمنون بالله فيحولون الإيمان إلى برنامج عمل، ترى أحدهم يعمر الدنيا من خلال عبادة الله، ويقف المواقف التي تدل على إنسانيته من خلال عبادة الله، يحولون شرع الله إلى برنامج عمل يومي في يقظتهم ومنامهم، في سكونهم وحركتهم، وصلت به التربية المحمدية إلى أن أصبح الإيمان عملا.
فهم ليسوا كمن غرهم بالله الغرور ممن يقولون نحن نحسن الظن بالله، ولو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل. فهم قد وصولا إلى مرحلة الإحسان التي أمر الله بها : قال تعالى : ﴿وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص :77] وقال تعالى : ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ [البقرة :195]. وهي مرحلة يعبد فيها المؤمن ربه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فهو يراه سبحانه وتعالى، وبهذا الإحسان يشعرون بمعية الله سبحانه وتعالى، قال تعالى : ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت :69].
وهم يفرحون بنصر الله وفضله، قال تعالى : ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الروم :4 ،5]، فهم لا يفرحون بنعيم الدنيا وزينتها، ولا يفرحون غرورا بأنفسهم، فقد نهى الله عن ذلك فيما حكاه عن قارون وقومه، قال تعالى : ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِى القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ [القصص :76].
إذن فهم يفرحون بفضل الله، قال تعالى : ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس :58].