السؤال: نقوم في بلدتنا ببناءمسجد بعد هدمه ، ومساحته 900م2 ، وكان بداخله ضريح وعند هدم الضريح أحضرنا أهله ليروا بأنفسهم ، وحفرنا مسافة كبيرة تقدر بخمسة أمتار ولم نجد أي عظام أو أي شيء يدل على وجود شيخ ، وقمنا ببناء المسجد ، ورغم عدم وجود عظام يصر أهله على عمل ضريح آخر على لا شيء . فهل هذا يجوز ؟ .
الجواب: من المقرر شرعا أن مكان القبر إما أن يكون مملوكا لصاحبه قبل موته ، أو موقوفا عليه بعده ، وشرط الواقف كنص الشارع ؛ فلا يجوز أن يُتَّخَذَ هذا المكان لأي غرض آخر ، وقد حرم الإسلام انتهاك حرمة الأموات ؛ فلا يجوز التعرض لقبورهم بالنبش ؛ لأن حرمة المسلم ميتًا كحرمته حيًّا ، فإذا كان صاحب القبر من أولياء الله الصالحين فإن الاعتداء عليه بنبش قبره أو إزالته أشد حرمة وأعظم جُرْمًا ؛ فإنهم موضع نظر الله تعالى ، ومن نالهم بسوء أو أذى فقد تعرض لحرب الله عز وجل ، كما جاء في الحديث القدسي : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ "(1) .
وما دام مكان الضريح معلوما بالنقل أو الاشتهار فليس لأحد أن يجرب نبشه ويهتك حرمة من فيه زاعما أنه يريد أن يتأكد من وجود الميت ، ولو فُتِحَ هذا الباب لتلاعب العامة بقبور موتاهم وصالحيهم ولأدى ذلك إلى انتهاك حرمة الأموات والتعدي على حقوقهم وإزالة كل ما يدل عليهم .
أما عدم رؤية عظام صاحب الضريح أو شيء يدل عليه فلا يدل على عدم وجوده ، غاية ما في الأمر أن يكون الجسد قد بلي أو يكون أعمق مما تم حفره ، ومهما كان الأمر فليس شيء من ذلك مبررا لجعل الضريح من المسجد بتسويته والصلاة عليه أو مسـوغا لإزالة ما يدل عليه فوقه ، وتحول جسد صاحب الضريح إلى رفات لا يزيل ملك صاحبه له ولا وقفه عليه ، فعليكم بعمل الضريح كما كان حتى لا تقعوا في الإثم شرعا .
(1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق ، باب التواضع ( 6502 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .