نص الفقهاء على أن المكان يصير مسجداً بالصلاة فيه أو بقول مالكه اتخذته مسجداً _ ولابد حينئذ من الملكية لمكان المسجد وقت إقامته واتخاذه مسجداً لأنه يصير وقفاً _ ومن شروط صحة الوقف ونفاذه باتفاق فقهاء المذاهب جميعاً أن يكون الموقوف ملكاً للواقف وقت الوقف .
وفرع الفقهاء على هذا الشرط أنه لا ينعقد ولا يصح وقف الغاصب للأرض أو العقار الذي اغتصبه لانتفاء ملكه وقت الوقف وإن اعتدى إنسان على أرض وحازها واتخذها مسجداً ثم استحقت للغير نقضت المسجدية .
وقد نقل الإمام النووي في المجموع أن الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع وأن اختلاف الفقهاء إنما هو في صحتها والثواب عليها(1) .
وجاء في كتاب قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام الشافعي : أنه إذا اعتكف في مسجد ثم بان اغتصابه بطل الاعتكاف.
وهذا النص على حرمة بناء المساجد على أرض مغتصبة لبطلان الاعتكاف فيها .
ولما كان ذلك : -
كان اغتصاب العقار الذي هو ملك للسائل وهدمه واتخاذه مسجداً حراماً شرعاً والصلاة في المسجد المغتصب مكانه محرمة على خلاف بين الفقهاء في صحتها والثواب عليها؛ فإن المسجد المقام على أرض مغتصبة لا يكتسب صفة المسجدية ؛ لأنه ليس مملوكاً لمن أتخذه مسجداً ، ومن ثم لا تكون له حرمه المساجد إذا لم يصر وقفاً صحيحاً من مالك المكان الشرعي وللمالك الشرعي للمكان حيازته والتصرف فيه في نطاق القانون .
_______________________________________________
(1) المجموع للنووي ( 3 / 164 ) .