ما هو فضل العشر الأواخر من رمضان وماذا ينبغي على المسلم فعله في هذه الأيام؟
** فضل العشر الأواخر من رمضان كثير ويكفي أن فيها ليلة هي خير من ألف شهر ألا وهي ليلة القدر ولعظيم فضل العشر الأواخر من رمضان روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره وفي رواية عن مسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.
وينبغي للمسلم أن يجد ويجتهد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان بكثرة الصلاة وقراءة القرآن والذكر والاستغفار بقصد التعرض لعفو الله ورحمته, ورضوانه, وأيضا لعله يوافق ليلة القدر فلا يشقى بعدها أبدا, وهي ليلة أخفيت في العشر الأواخر من رمضان ليجتهد طالبوها في هذه الفترة فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يخبر بليلة القدر, فتلاحى رجلان من المسلمين فقال إني خرجت لأخبركم بليلة القدر, وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم التمسوها في السبع والتسع والخمس. رواه البخاري.
هل يشترط لصحة الصيام أن أقوم بالسحور؟ وماذا إذا صمت بدون سحور؟
السحور مستحب باتفاق العلماء، ولا إثم على من تركه، وصيامه صحيح روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تسحروا فإن في السحور بركة.
وعن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بهذا السحور، فإنه هو الغذاء المبارك. ومعنى البركة: أنه يقوي الصائم على مواصلة الصوم إلى الليل، وينشطه ويمد الجسم بالطاقة الحرارية اللازمة لحيويته مما يجعل الصائم قادرا على مزاولة أعماله بجد ونشاط دون أن يصاب بفتور أو خمول، فهو كوجبة الإفطار التي نبه الأطباء على ضرورة تناولها في أول النهار لتنشيط الجهاز الهضمي ومنع الإصابة بفقر الدم.
وبناء على ما سبق: يستحب للمسلم السحور ولو صام بدون سحور فصيامه صحيح بإذن الله تعالى.
ما هو أحب أنواع الصيام؟
أحب أنواع الصيام هو الصوم الذي يخلص فيه العبد إلى ربه ولا يخالطه شيء من الرياء والسمعة.
والصيام ثلاثة أنواع:
1- صوم العموم: وهو الصيام عن الأكل والشرب.
2- صوم الخصوص: وهو الصوم عن الطعام والشراب وصوم الجوارح عن كل ما يغضب الله تعالى.
3- صوم خصوص الخصوص: وهو الصوم عن الطعام والشراب والجوارح وصوم القلب عن الغفلة والنسيان. وأن يتذكر دائما عظمة الله وقدرته في خلقه وبديع صنعه فيخضع القلب والجوارح كلاهما لله عز وجل عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.
هل يجوز أن يصوم أي من المصريين على رؤية دولة أخري أيا كانت والتي يعلنها مفتيها، أو يصوم أبناء الدولة الأخرى على رؤية مصر التي يعلنها مفتيها.. وما حكم صيام هؤلاء؟
** لا يصح أن يصوم أبناء أي بلد أو يفطروا على خلاف الرؤية التي ثبتت في هذا البلد، لأن هذه المخالفة تشق وحدة المسلمين، وتزرع بينهم بذور الفرقة والاختلاف، ثم إنه من المقرر أن رأي ولي الأمر يرفع الخلاف في الأمور المختلف فيها بين الناس..
وعلى ذلك فإذا صدر قرار من المسئولين أو السلطات المسئولة عن استطلاع هلال رمضان وغيره، فإن على المسلمين في ذلك البلد أن يلتزموا بهذا القرار ولا يجوز لهم الخروج عنه.. وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون.. وفي رواية أخرى: وأضحاكم يوم تضحون.
* وماحكم الصائم إذا أكل ناسيا؟
** جاء في الحديث الصحيح: إن الله تعالى وضع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ومن حديث أبي هريرة -في الصحيحين- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه، وفي رواية أخرى: فإنما هو رزق ساقه الله إليه ولاقضاء عليه.. وفي لفظ آخر: من أفطر من رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة..
وهذه الأحاديث الشريفة أدلة قاطعة على أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه، ويومه الذي أتمه صحيح.
هل يجوز لظرف مرضي استخدام اللبوس الشرجي أثناء الصوم؟
** نفيد بأن الفقهاء تباينت وجهات نظرهم في هذا الموضوع:
فالحنابلة: يرون أن وضع اللبوس في فتحة الشرج أثناء الصوم غير مفسد مطلقا سواء كان بعذر أو بغير قياسا على إذا أدخلت المرأة إصبعها أو غيره في فرجها ولو مبتلة فلا تفطر. والأحناف: يرون أن وضع اللبوس في فتحة الشرج أثناء الصيام مفسد للصوم مطلقا ويوجب القضاء فقط إن كان لعذر شرعي والقضاء والكفارة إن كان لغير عذر شرعي.
والشافعية: يرون أنه لا يفسد الصوم إن كان لضرورة وإن كان لغير ضرورة فهو مفسد للصوم قياسا على ما إذا وضع إصبعه في قبل أو دبر لغير ضرورة فإن صومه يفسد بذلك عندهم. والمالكية: يرون إنه لا يفسد الصوم إذا لم يصل إلى المعدة. أما إذا وصل إلى المعدة فقد أفسد الصوم. والذي نرجحه ونختاره للفتوى هو ما ذهب إليه الحنابلة من أن وضع اللبوس في فتحة الشرج أثناء الصوم لا يفسد الصيام مطلقا. لأن من يستعمل اللبوس أثناء الصوم يكون مضطرا والقاعدة الشرعية أن الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها.
هل يقبل صوم من يخاصم أحدا من أهله؟
يجب على المسلم أن تكون سلوكياته متناسقة مع الحكمة من صيام رمضان فيبتعد عن الخصام والشقاق وقطع صلة الأرحام ويلزم نفسه الطريق المستقيم الذي ينتهي به إلى إرضاء الله عز وجل ليكون جزاؤه عند الله تعالى قبول صيامه والحصول على ثوابه وهنا يلزم المسلم أن يوجه سلوكه إلى فعل الخير والبعد عن الشر بمعنى أن تكون أقواله وأعماله كلها تتفق مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية من التسامح والتواضع وحب الخير لكل الناس حتى إلى من أساء إليه والعطف على ذوي الحاجات وإمساك اللسان عن البذاءات وعن أعراض الناس وغض البصر عن المحرمات وكف الأذى عن الناس وبذل الجهد والعطاء للمحتاجين والإكثار من ذكر الله والاستغفار وقراءة القرآن وبالجملة فإن سلوكيات المسلم يجب أن تكون تبعا لما جاء به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم اقتداء برسول الله صلوات الله وسلامه عليه لقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21]. وبالنسبة لقبول الصوم وعدم قبوله فالصيام لله وهو يجازي به. فاستيفاء أركان الصيام يسقط المطالبة بقضاء الصوم ولكن ثوابه ينقص بقدر ما ارتكب من المعاصي.
ما هو فضل وثواب إفطار الصائم؟
** يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء قال الترمذي حديث حسن صحيح. وفي رواية أخرى قال الصحابة يا رسول الله ليس كلنا ما يجد ما يفطر به الصائم فقال صلى الله عليه وسلم: ولو على شق تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن وهذا الحديث يدل على ثواب من فطر الصائم، وهو ثواب عظيم، ولعظم هذا الثواب صار دعاء يدعي به ويرجى قبوله من الله، حيث قال الرسول وأفطر عندكم الصائمون.
* أثناء الوضوء تتم المضمضة والاستنشاق. وأحيانا يدخل الماء إلى الحلق رغم أنفي.. فهل هذا يفسد الصيام؟
** وصول الماء إلى الجوف بسبب المضمضة أو من الاستنشاق يبطل الصوم في مذهب الإمام مالك والإمام أبي حنيفة وعلي من يحدث له ذلك أن يمسك بقية يومه ويصوم يوما بدلا منه قضاء بعد رمضان.
ويرى الإمام أحمد والإمام الشافعي في أحد قوليه وصول الماء إلى الجوف من المضمضة أو الاستنشاق لا يفطر الصائم.. وهذا الرأي الأخير هو الذي تميل إليه دار الإفتاء المصرية عملا بالقاعدة الشرعية المقتضية لليسر وعدم المؤاخذة بالخطأ، ولأن وصول الماء إلى الجوف يحدث في مثل هذه الحالات اضطرارا دون رغبة أو اختيار وقد قال الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5].
هل استعمال قطرة العين في نهار رمضان يفطر؟
** المالكية والحنابلة يرون أن وضع القطرة للعين خلال الصيام لا يفسد الصوم إذا لم تصل إلى الجوف ولم يوجد أثرها في الحلق. أما إذا وصلت إلى الحلق ووجد أثرها فيه فهي مفسدة للصوم. مستدلين بما أخرجه الدار قطني والبيهقي فيما رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الفطر مما دخل والوضوء مما خرج. وذلك لأنه إذا وصلت القطرة إلى الحلق ووجد أثرها فيه فمعناه أنه دخل شيء من منفذ طبيعي فيفسد الصوم. ويجب القضاء فقط دون الكفارة والحنفية: يرون أن وضع القطرة بالعين أثناء الصيام لا يفسد الصوم مطلقا سواء وصلت إلي الحلق أم لم تصل.. وما ذهب إليه الحنفية والشافعية في هذا الصدد هو الذي نميل إلى الإفتاء والعمل به لأن العين ليست منفذا مفتوحا فلا يصدق علي الداخل فيها أنه وصل إلى الجوف عن طريق منفذ مفتوح.
رخصة الإفطار لمن؟ وهل هي إجبارية؟
** الذين يرخص لهم الفطر في نهار رمضان وتجب عليهم الفدية فقط هم الرجل الكبير المسن وكذا المرأة العجوز اللذان لا يقويان على الصيام، المريض بمرض ملازم ميئوس من الشفاء منه وكذا أصحاب الأعمال الشاقة المستمرة الذين لا يجدون أعمالا أخرى بديلة ولا يتمكنون من أخذ إجازة في شهر رمضان ولا في غير رمضان فهؤلاء يرخص لهم الفطر وعليهم أن يفدوا عن كل يوم يفطرونه بإطعام مسكين وجبتين مشبعتين. أما الذين يرخص لهم في الفطر ويجب عليهم القضاء فقط فهم: المريض بمرض يرجى شفاؤه والمسافر سفرا مباحا والحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما وأما إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وقدمتا فدية طعام مسكين عن كل يوم والحائض والنفساء، وأما الذين يجب عليهم القضاء والكفارة فهم الذين يفطرون عمدا من غير عذر في نهار رمضان بالأكل أو الشرب أو المعاشرة الجنسية، والكفارة هي صيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا من أوسط ما يطعم أهله. ومعيار الأخذ برخصة الإفطار معيار شخصي - أي أن الإنسان هو الذي يقدر مدى حاجته إلى الفطر وجوبا أو جوازا وعليه أن يأخذ برأي الطبيب المسلم الثقة في الأمور المرضية وهي ليس إجبارية إذا ترتب عليها ضرر بالنفس أو بالغير يؤدي إلى هلاك النفس أو قريبا من ذلك.
ما حكم دخول دور السينما ومشاهدة الإعلانات الخليعة في أثناء الصوم؟
** شهر رمضان الكريم هو شهر العبادة والقرآن وحبس النفس والجوارح عن المتع والشهوات الحرام وهو موسم سنوي يجب أن يستغله المسلم في شغل وقته بما يفيده في دنياه وآخرته.. ولا بأس من الترويح عن النفس بعض الوقت في نهار رمضان بمشاهدة البرامج الجادة أو الأفلام البريئة النظيفة، والتي تخلو من نوازع الشر وتدمير الأخلاق والقيم وإلا يليق بالصائم أن يترقب الأفلام المثيرة في رمضان ويجلس أمامها ليملأ عينيه وقلبه من الشهوات، فهذا الشهر هو شهر النظر في المصحف الشريف وفي آياته الكريمة... والبعد عن شهوتي البطن والفرج ومحاولة الأنس بالله بذكره وتلاوة كتابه.. فمن حكمة هذا الشهر تربية وجدان المسلم وتقوية إرادته، وتعويده علي حرمان النفس وضبطها ومنعها مما لا فائدة منه. وإلزامها وإكراهها على ما هو خير، لأنه الأجدى والأنفع.
ما حكم الجهر بالإفطار في نهار رمضان؟
** لا يجوز لمسلم يؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر أن يقترف هذا الإثم على أعين الناس ومشهد منهم.. والذي يفعل ذلك مستهتر وعابث بشعيرة عامة من شعائر المسلمين.. ولا تعد هذه الجرأة من باب الحرية الشخصية, بل هي نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام لأن المجاهرة بالفطر في نهار رمضان مجاهرة بالمعصية, وهي حرام فضلا عن أنها خروج على الذوق العام في بلاد المسلمين, وانتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه في احترام مقدساته, وعلى المسلم إذا ابتلي -بهذا المرض- أن يتوارى حتى لا يكون ذنبه ذنبين وجريمته جريمتين - وإذا كان غير المسلمين يجاملون المسلمين في نهار رمضان ولا يؤذون مشاعرهم فأولى بالمسلم المفطر أن يكون على نفس المستوي من مراعاة شعور الأغلبية الساحقة في الشوارع والمواصلات ومكاتب العمل والأماكن العامة.. والوسيلة لمحاربة من يجهر بإفطاره في شهر رمضان هي توجيه النصح له بالحكمة والموعظة الحسنة ويجب على الهيئات التشريعية أن تسن من الضوابط ما يكفل منع المجاهرين بالإفطار في الشوارع والميادين وكافة الأماكن العامة وننصح أصحاب المحلات العامة بعدم فتح أبوابها لمساعدة المجاهرين بالفطر في رمضان.