علمنا –من خلال ما سبق من شرح لأسماء الله الحسنى- أن أسماء الله الحسنى تنقسم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول : هو قسم الجمال مثل الرحمن الرحيم العفو الغفور الرءوف. والقسم الثاني: هو قسم الجلال مثل الجبار المنتقم المتكبر شديد المحال العظيم. والقسم الثالث :هو قسم الكمال مثل لفظ الجلالة ومثل الأول الآخر، الظاهر الباطن، الضار النافع، المعطي المانع.
والاسم الذي معنى في هذا العدد هو اسم الله [المهيمن] وقد ورد اسم الله المهيمن في القرآن الكريم ضمن مجموعة أسماء في قوله تعالى : ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر :23]. ولم يرد المؤمن باعتباره اسما من أسماء الله تعالى إلا في هذا الموضع.
ونحن في هذا العصر الذي سادت فيه هيمنة المخلوقات، وتسببت تلك الهيمنة بأساليبها الخاطئة في إشاعة الفساد والإفساد والخوف من حولنا نحتاج إلى أن نرجع لمعنى اسم الله المهيمن.
والمهيمن ينتمي للقسم الثالث من أقسام أسماء الله الحسنى، فهو يتبع قسم الكمال، وهو اسم من أَسماء الله تعالـى في الكتب القديمة وفي القرآن كما قال ابن منظور. والمهيمن في اللغة يعني الشاهد، وهو من آمن غيرَه من الـخوف، وأَصله أَأْمَنَ. فهو مُؤَامِنٌ، بهمزتـين، قلبت الهمزة الثانـية ياء كراهة اجتماعهما فصار مُؤَيْمِنٌ، ثم صُيِّرت الأُولـى هاء كما قالوا هَراق وأَراق. فهو بمعنى الشاهد، وبمعنى المؤَمِّن من الخوف، وهو كذلك بمعنى القائم على خلقه أي بأمورهم.
فالمهيمن يعني أن الله شهيد يراقب خلقه ويدبر أمورهم ويرعاهم ويقوم على أمرهم، ويجيرهم من الخوف، وما أحسن ما ذكره البيهقي في [شعب الإيمان 1/117] حيث قال : «المهيمن وهو من أسامي الكمال يجمع أوصاف الفضل وينقض أوصاف النقص كأن الكمال الذي لايصح عليه الزوال تدخل فيه الشهادة والحفظ والعطاء والمنع والاختصاص به عن الغير».
ويمكن أن يكون المهيمن من قسم الجمال بمعنى الذي يجير عباده من الخوف، فيلجأ إليه عباده.
ويحدث اسم الله المهيمن في نفس المؤمن من كثير من الآثار الإيمانية الإيجابية، كالثقة بالله والتوكل عليه وعدم الخوف من غيره طالما أنه هو المهيمن على الأمر وهو القائم على أمور عباده، ويحدث له معنى الالتجاء والإنابة إليه دائما لأنه هو الذي يهيمن على الحاضر وعلى المستقبل وإليه المآب. نسأل الله أن يرزقنا كل تلك الآثار الطيبة في قلوبنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.