تكلمنا في المقال السابق عن الفتنة وعلمنا أنه ضد الفرقان، إذ الفرقان القدرة على رؤية الحق والباطل بوضوح، والفتنة هي لبس وخلط في الرؤية، وتكلمنا كيف يواجه المسلم الفتنة للخروج منها بسلام، فذكرنا الفرار من الفتنة، وعدم المشاركة فيها.
وذكرنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم «أحب شيء إلى الله تعالى الغرباء. قيل : ومن الغرباء ؟ قال : الفرارون بدينهم يبعثهم الله يوم القيامة مع عيسى بن مريم عليهما السلام» [رواه أبو نعيم في حلية الأولياء].
وقول الإمام علي ناصحا الناس في الفتن : «كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب» [نهج البلاغة].
وعلمنا أن ذلك لا يعني أن يعتزل المسلم المجتمع، وإنما معنى ذلك أن لا يعطي نفسه شيئا للفتنة ولا ينجر إليها ويستدرج فيها، فهذا أول ما يجب على المسلم تجاه الفتنة أن يفر منها ولا يشارك فيها. فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن» [رواه أبو داود]
ثم عليه أن يتعوذ بالله منها حتى تنجلي ويعود الصفاء في الرؤية والنفس مرة أخرى، وقد ورد في الدعاء الذي عمله النبي أصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم : « اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي واذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا» [رواه أحمد].
وبعد تجنب الفتن والفرار منها، والتعوذ بالله من شرها وصدق الالتجاء إليه في أن يجنبه الله شرها، على المسلم أن يراعي تقوى الله في كل أوقاته حتى يتبين له الأمر وذلك مصداقا لقوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ [الأنفال :29].
وحقيقة التقوى هي التباعد عن كل مضر في الآخرة، وقد ذُكر في معناها أيضا : أنها عبارة عن حجاب معنوي يتخذه العبد بينه وبين العقاب ، كما أن الحجاب المحسوس يتخذه العبد مانعا بينه وبين ما يكرهه.
وكثرت آيات القرآن الكريم التي تحث المسلمين على تقوى الله سبحانه وتعالى، وتنوعت أشكال الجزاء عليها، فتارة يعلمنا الله أنها سبب الفلاح، فيقول سبحانه ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [البقرة : 189]. وتارة يأمرنا بربنا بملازمة المتقين فيقول تعالى ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ﴾ [البقرة : 194]. وتارة يعلمنا ربنا أنها معيار تقويم الناس عنده سبحانه فيقول : ﴿ِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات : 13].
وكانت التقوى وصية الله لجميع الأمم، ووصيته للذين أوتوا الكتاب من قبلنا، كما أنها وصية الله لنا كذلك قال تعالى : ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِياًّ حَمِيداً ﴾ [النساء : 131].
وعلى المؤمن أن يكثر من أعمال الخير بشكل عام ليعينه الله بذلك على الخروج من الفتن، وأن يبادر بتلك الأعمال استجابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول : «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا» [رواه مسلم]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : «العبادة في الهرج وفي رواية في الفتنة كهجرة إلي». [رواه مسلم] يعني بذلك أن لها ميزة وفضل وأجر عظيم في أوقات الفتن.
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله معلقاً على هذا الحديث : «وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهوائهم ولا يرجعون إلى دين فيكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ،متبعاً لأوامره مجتنباً لنواهيه»
ومن أهم ما يعين المسلم على الخروج من تلك الفتن كتاب الله عز وجل كما وصفه بذلك الصادق المصدوق فيما ورد عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : «إنها ستكون فتنة، قال : قلت فما المخرج ؟ قال : كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، من ابتغى الهدى (أو قال العلم) من غيره أضله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي تناهى الجن إذ سمعته حتى قالوا : (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد) من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعى إليه هدي إلى صرط مستقيم» [رواه البيهقي في الشعب].
ذلك فيما يخص الفتن التي تصيب الإنسان فتغبش على الرؤية، أما النوع الثاني من الفتن وهو اختلاط أهل الحق وأهل الباطل فيصعب التمييز بينهم فقد أشار القرآن إلى هؤلاء المندسين الذين يتسببون في فتنة المجتمع وأنهم لا يخفون عليه سبحانه فقال تعالى : ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ البَأْسَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ [الأحزاب :18].
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الزمان الذي يختلط فيه أهل الحق بأهل الباطل، ويظن الناس أن الكاذب صادق، والصادق كاذب حيث قول صلى الله عليه وسلم : «يأتي على الناس سنوات جدعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيهم الرويبضة. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما الرويبضة ؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة» [أحمد وابن ماجة والحاكم].
وفي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه وهو حديث طويل عبارة (ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورًا عظامًا يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا) [أخرجه ابن حبان في صحيحه]
ويبدو أننا نعيش في تلك الحالة الثقافية التي لم تستقر بعد، ولم تتحدد مفاهيم كثيرة منها، والتي خرج الرويبضة ليساهم فيها ويتكلم في الشأن العام، من التصدر للنصيحة حتى الطبية منها، إلى الإفتاء ولو بغير علم مع أنه لم يحفظ آية كاملة إلا في قصار السور، إلى تولي المناصب العامة، إلى الكلام في الشيوعية البائدة أو الفن الجديد، إلى من يريدنا أن ننسلخ عن أنفسنا وديننا وتاريخنا إلى من يريد إرهابًا فكريا، إما هو وإما الجحيم، ثم جحيمه هي الجنة، وأن جنته هي الجحيم؛ لأنه دجال من الدجاجلة.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الدجال : (يخرج الدجال معه نهر ونار، فمن وقع في ناره وجب أجره وحط وزره، ومن وقع في نهره وجب وزره وحط أجره) [أخرجه أحمد وأبو داود].
والمخرج من ذلك كله هو الصبر والتأكيد على الحرية الملتزمة وترك الرويبضة يكتشفه الناس في تفاهته وفي هشاشة تفكيره، والاستمرار في بناء الإعلام الجاد الملتزم الذي سوف يطرد الهش والغث والذي سيجعل التافه يتعلم أو يستحي أو يتوارى أو يسير مسار الجادين أو يحاول حتى لو لم يصل إلى مستواهم وأنا مستبشر خيرًا أن هذه الحالة من الكسل والتفاهة سوف تنتهي فقد ظهرت صحافة الإثارة في أمريكا سنة 1830 ثم استقر الأمر الآن، وأصبح من دواعي الاشمئزاز عند الطبقة المثقفة هناك أن يرى أحدهم صحيفة من هذه الصحف في يد قارئ مسكين وكأنه يقول له بنظرته العاتبة : (هل ما زلت هنا لم تتعلم ؟) إن هذه الثقافة لن تأخذ كثيرا من الوقت، وذلك بسبب التطور الهائل من الاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا.
وحتى نصل إلى هذه الحالة علينا أن نصبر (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) [يوسف :18] وأن نتصدق بعرضنا على الناس (عن أبي هريرة أن رجلا من المسلمين قال اللهم إنه ليس لي مال أتصدق به وإني جعلت عرضي صدقة قال فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد غفر له) [رواه الطبراني في الكبير] وأن نهجرهم هجرا جميلا قال تعالى : (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) [المزمل :10] وأن نتمسك بصفات عباد الرحمن قال تعالى : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا) [الفرقان :63 : 65].
والشرع يأمر أن نرجع إلى الحقائق لا إلى الأوهام، وإلى الواقع لا إلى الخيال المريض قال تعالى وهو ينهانا عن الفتنة بكل أشكالها كلامًا وفعلاً وسلوكًا : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوَهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) [لقمان :20، 21].
وقال تعالى : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [لقمان :6] وقال : ﴿أَفَمِنْ هَذَا الحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾ [النجم :59، 61]، وسامدون أي تغنون بالباطل من القول. وقال تعالى : ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام :116].
وبالنظر إلى الفتنة ومبعثها في النفس الإنسانية يمكن أن نقسم الفتنة إلى قسمين الأول : فتنة الشبهات. والثاني : فتنة الشهوات. وفتنة الشبهات : كالتشكيك في صحيح العقيدة، والدعوة إلى الغلو والتطرف، وهذا النوع من الفتن يزول بالعلم.
وأما فتنة الشهوات: وهي الغالبة على عامة البشر كالافتتان بالنساء أو بالمال الحرام أو بالمنصب أو بالجاه، وتزول هذه الفتن بالتقوى.فبالعلم والتقوى ينجو الإنسان من كل أشكال الفتن، وبغياب العلم والتقوى تظهر الفتن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : :«يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا كَأَنَّه يُرِيدُ الْقَتْلَ» [رواه البخاري].
وفي رواية أخرى : «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ» [رواه البخاري].
والفتنة التي هي الابتلاء والامتحان تكون بالخير والشر، يقول تعالى : ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون﴾َ [الأنبياء :35].
والفتنة ليست شرا من كل الوجوه بل فيها أوجه للخير، ولا يعني ذلك أننا نسعى إليها أو أن نطلبها ولكننا لابد أن نستفيد منها إذا حدثت من هذا الخير التمييز بين الخبيث والطيب، قال تعالى : ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ﴾ [آل عمران :179]. وقال تعالى : ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ﴾ [الأنفال :37].
وقال عز وجل : ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت :2 ، 3]
وفي الفتنة تقوية لإيمان المؤمنين وتدريب لهم على الصبر والجلد، وتمحيص لما في قلوبهم من الإيمان قال تعالى : ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ﴾ [آل عمران :140، 141]. وقال سبحانه : ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾ِ [آل عمران :154].
كما أنها سنن الذي سبقوا وعلامة على اصطفاء الله لعباده، قال تعالى : ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة :214].
هذا فيما يخص الفتن وكيفية الخروج منها بفرقان الله عز وجل، وكان الفرقان هو الخطوة الثالثة من خطوات الخروج من المحرمات والشهوات التي تناولنها في تلك المقالات الخمس، فذكرنا أن أولى تلك الخطوات أن يجعل المسلم النبي صلى الله عليه وسلم أبا له، والثانية أن يكثر ذكر الله عز وجل، والثالثة أن يهتدي ويفرق بين الحق والباطل بفرقان ربه.
رزقنا الله نجاة من الفتن ما ظهر منا وما بطن ورزقنا الهداية وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.